يعد شهر رمضان فرصة كبيرة لمن يعانون من زيادةالوزن، حيث يساعد الصيام على فقدان كثير من الشحوم الزائدة بالجسم، خصوصًا مع التحكم فى النفس وعدم الإكثار من الطعام على مائدة الإفطار، لكن علينا الانتباه من أن ما نفقده من وزن أثناء الصيام، يمكن أن نكتسبه مرة ثانية وأكثر بعدالشهر الكريم، ليصبنا ما يعرف علميًا بـ"لعنة اليويو"، ذلك النوع من أساليب الغذاء والرجيم، الذى يفقد متبعيه الوزن الزائد، وسرعان ما يكتسبونه بعد الإقلاع عنه.
إضافة إلى الفوائد الصحية المعروفة عن الصوم، مثل تحسين عمل جميع الوظائف الحيوية بالجسم، وتخليصه من سموم كثيرة كان يخزنها طوال العام، فإن البدناء لا يلتفتون إلى أن شهر رمضان فرصة عظمية، لفقدان بعض من وزنهم الزائد، حيث النهم والإقبال بشراهة على تناول صنوف من الأطعمة في أثناء الإفطار، فضلاً عما يتناولونه من حلوى ووجبات أخرى قبل وجبة السحور.
وحتى مع هؤلاء الذين يلتفتون إلى الفرصة العظيمة من وراء الصيام، ويحاولون الاستفادة منه، ويتحكمون فى رغبتهم بتناول الطعام طوال شهر رمضان، سرعان ما يكتسبون وزنا زائدا أكبر بعد انتهاء الشهر الكريم، حيث يعودون لما كانوا عليه قبل البدء بالصوم. وهؤلاء يتعرضون لمثل ما يحدث مع متبعى "رجيم اليويو"، حيث فقدان معتدل للوزن أثناء اتباعه، واكتساب سريع لمزيد منه بعد الإقلاع عنه.
تشابه بسيط
ولا نقول أن هناك تطابقًا بين نتائج الصيام ورجيم اليويو، فالفارق كبير بينهما، حيث يحفظ الصوم للإنسان توازنه النفسى والروحى قبل الجسد، أما رجيم اليويو، فلا يضع فى اعتباره إلا التوزان الجسدى وفقدان الوزن فقط، لكننا نود فقط الإشارة إلى أن هناك تشابه بسيط فى أسلوب التغذية واكتساب الوزن بعد الانتهاء منهما.
فوفقًا لما أشارت إليه دراسة حديثة أجراها المجلس القومي للبحوث الطبية في بريطانيا، على نحو 25 ألف شخص ونشرتها صحيفة "الديلي ميل" البريطانية مؤخرًا،يعتمد "ريجيم اليويو" على حذف وجبات غذائية أساسية، تمامًا مثلما يحدث فى الصوم حيث نتخلى عن وجبة من الوجبات اليومية الثلاث، ونكتفى باثنين فقط هما الإفطار والسحور.
وبالنظر إلى نتائج الصوم الجسدية، ورجيم اليويو نجد تشابهًا أكبر بينهما فى النتائج، من حيث زيادة وفقدان الوزن، فأثناء الصوم يفقد الإنسان بعضًا من وزنه ببطء وبطريقة سليمة وصحية، وهذا ما يحدث في أثناء اتباع رجيم اليويو. أما بعد انتهاء شهر الصوم، سرعان ما يعود الجسم ويكتسب ما فقده من وزن وربما أكثر، فى حال الاقبال بشراهة على الطعام وعودة الشخص إلى عاداته الغذائية السيئة، بعدم تنظيم وجباته الغذائية الثلاثة أثناء اليوم، الشيء نفسه يحدث عندالإقلاع عن رجيم اليويو، حيث يبدأ الجسم في استرداد ما فقده من وزن بسرعة فائقة، إضافة إلى أن كتلة الدهون بالجسم تزداد، لتفوق ما كانت عليه قبل اتباعه.
القاعدة العامة
وتشير الدكتورة ريبيكا هاردي، رئيسة برنامج السمنة بالمجلس القومي للبحوث الطبية في بريطانيا، إلى أن القاعدة العامة تقول، إنه عندما يزداد وزن الشخص، ويستمر فى كسب المزيد، دون إكتراث، يصبح من الصعب عليه أن يتراجع بوزنه إلى ما كان عليه قبل الزيادة. وقبل أن يصيبنا الإحباط من القاعدة العامة واليأس من فقدان الوزن الزائد مرة ثانية، علينا أن نتعرف أولا على ما تشير إليه بنود القاعدة الخاصة، حيث تقول الدكتورة ريبيكا، أن هناك أشخاصًا قليلون جدًا يمكنهم فقدان الوزن الذي اكتسبوه، ويعودون إلى وضعهم الطبيعي.
وبين القاعدتين العامة والخاصة، تكمن حرية الإنسان فى الاختيار بين أن يكون من أصحاب الأولى، أو الثانية، حيث أن إرادة ونظرة الشخص لنفسه، ورغبته فى أن يحفظ لجسمه التوازن المطلوب، تلعب دورًا رئيسيًا في اختياره بين القاعدتين.
وعودة إلى تفاصيل دراسة المجلس القومي للبحوث الطبية في بريطانيا، التى ركزت بالإساس على السمنة وأنماط اكتساب الوزن الزائد، فقد قام خلالها الباحثون بالمجلس، بتتبع أوزان نحو 5362 رجلا وسيدة من مواليد 1946، وأوزان مجموعة أخرى تبلغ نحو 20 ألف آخرين من مواليد 1958، وذلك من خلال تقييم أسلوب الحياة ونمط التغذية، والتغييرات التى تطرأ على الأوزان، ومستوى قياس ضغط الدم، عند كل مجموعة على حدة، واكتشفوا أن المجموعتين اللتين شملتهما الدراسة، بدأوا في اكتساب مزيد من الوزن في فترة الثمانينات، وبعد هذه الفترة، بدأوا يكتسبون زيادة فى الوزن بشكل مطرد وثابت.
وأثناء قراءتها لنتائج هذه الدراسة، لفت انتباه الدكتورة ريبيكا، وجود فرق كبير بين نمط اكتساب الرجال للوزن، ومثله عند السيدات، حيث اكتشفت من واقع سجلات الدراسة، أن الرجال كان يزداد وزنهم بثبات وبشكل متواصل خلال فترة الدراسة التى استمرت نحو 40 عامًا، أما نمط اكتساب الوزن عند السيدات فبدأ لديهن ثابتا وبطيئا، ثم زاد على نحو متسارع عند بلوغهن منتصف الثلاثينات.
وأخيرًا تقول الدكتورة ريبيكا، أن هذه النتائج التي توصلت إليها الدراسة، لا تعنى أن اتباع نظام غذائي أو رجيم معين أمر غير مجدٍ، طالما أن الإنسان سيكسب ما فقده من وزن بعد التخلى عنه، لكن الأهم الذى يجب أن نضعه فى اعتبارنا ونصب أعيننا دائمًا، أن تناول الطعام بشكل معتدل دون إفراط، وممارسة الرياضة بانتظام، هما العنصران الأساسيان فى الحفاظ على رشاقة الجسم، وزيادة لياقته البدنية، إضافة إلى دورهما الإيجابى فى تحسين صحة الإنسان بشكل عام.
0 التعليقات:
إرسال تعليق